www.mazika4day.lolbb.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.mazika4day.lolbb.com

منتديات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحاوى والحلم

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
mora...
المشرفين
المشرفين
mora...


عدد الرسائل : 5035
تاريخ التسجيل : 30/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالخميس أبريل 05, 2007 11:43 pm

الحاوي والحلم


شفّافاً أجيئك اليوم في وضح النهار، والشمس في السماء الصافية، ولا شيء يمكن أن يضبب شيئاً من أعماقي، إنني تحت العينين (السينيتين) بالألوان الطبيعية، فلست الحاوي أنا، كما تعرفين، وإن كنت نسيتِ أذكرك، أيام كنا، معاً، طفلين، شقيين، مرحين مشاكسين، أنت (حسن صبي)، وأنا (حسن الصبي) والفرق في كيفية أنك حزت على هذا اللقب، وأنت لم تكوني من الصبية، ولن تكوني، كنت الجنية البريئة الرقيقة الجميلة العذبة كنت الشفتين الحمراوين، والخدين المتوّردين، وكنت العينين البنيتين –العسليتين البحريتين اللتين فيهما غرق الصبي البريء وما درى.
وقفنا خلف دائرة بشرية. كانوا مأخوذين بشيء ما. قبضت على يدي وأخذت تشقين لنا مكاناً بين السيقان، بعيداً عن الصف الخلفي، كنتِ تريدينني أن أكون معك أشهد ما تشهده عيون الناس. العيون التي لم تجد فسحة من الزمن لكي تتطلع إلينا ونحن نباعد بين أصحابها وصاحباتها، والجو لم يكن بارداً، كان خانقاً حاراً والأنفاس كأنها حشرت في مكان ضيق. وصلنا. في وسط الدائرة رجل كبير، عملاق طويل بجلباب، كان ذات يوم أبيض اللون، كان جديداً، متكاملاً، لكنه في اللحظة تلك كان ذا لون مبتكر، وكان ممزّقاً، من أكثر من مكان، وكشف للناظرين عن جلد أزرق خشن، وعروق نافرة، وشعر أسود كث، وعظام تحاول أن تسبق الجلد لتشهدها عيوننا مع العيون المندهشة الغائبة عن الوعي. كان يحمل بيديه أفعى، مرعبة، ارتعدت لمنظرها فرائصي، أحسستِ بي ضغطت على يدي اليسرى كأنك تودين إرسال شحنة من الثبات إلى القلب الرقيق مباشرة، إن اليد اليسرى أقرب إليه، هذا ما علمناه حين لم نكن بعد غادرنا دار البراءة ودار الآباء، وقرية الأجداد، وضحى يوم بهيج حين ختمت (المصحف) وقامت الدبكة في البيت بعد تلاوة القرآن، وإقامة مراسيم (المولد النبوي الشريف) (حوّطوني باسم الله) وكنتِ أنتِ قبالتي بل إلى جانبي، بل في قلبي، في عينيّ، في الشرايين، والعروق، كنت في لبيّ، أخذتِ لُبيّ، وكنت حبي، أخذت كلَّ حبي، ومنه توزع الحب على العالم، العالم كله، سوى الخفة الشيطانية التي حملت المخارز ودستها في العيون، وطاردت أحلامنا، وطاردتنا أسياخ نارية مدببة تطلب الروح، تنتزعها من كل مسامة من مسامات أجسادنا. كنت أنت الرقيقة التي (حسن صبي) وأبعدها عن (حسن الصبي)، حسن الذي كبر في الغربة، حسن الذي تذّوق –طرباً- طعم ملوحة الدموع، وألم (إصبع العشرة)، حافياً كان في الطرقات الموحلة، بين ناي مكسور وآخر كسير، وذبابة حطت على العين ليلاً، لتنقل إليها التراخوما في النهار التالي. أنت أنا، وما رمدت العين، بك أبصرت، وبك تغلّبت على الحمّى الروماتزمية، ومن أجلك احتملتُ إبر الصوان في باطن القدمين الحافيتين، ولم تنسَ النور في الكتب. إن الختمة كانت في (البلاد) ولأن المدرسة في الخيمة الكبيرة، والبطاقة (حمراء) و(الإغاثة) تخلّص الجوع من الجوع، قطرات من زيت الخروع، كل ديدان المعدة (الحمراء) تنزل دفعة واحدة، وإلا فإن نصف كوب من (البنزين) كان إلزامياً، لأن هذه الآفة تسبب الهزال والاصفرار، وتسلب العافية، وأنتِ كنتِ بعيدة، قريبة. كنت أخجل أن أراك فتكتشفين أنني أصبت بالتراخوما والروماتزم، وإنهم حلقوا لي شعري (على الصفر) أكثر من مرة –للتخلص من القمل- وأنني كذلك حملت هذه الدودة في المعدة والأمعاء ثلاث سنوات حتى أُجبرت على شرب نصف كوب من (البنزين) –آه- نيران البنزين ولا نيران الإحساس بأنني أصبت بهذه الأمراض وسواها وإنك (قد علمت) بالإصابة. لماذا؟ البعد عن نقاء الهواء، وعذوبة الجداول وبكورة البرية، وطراوة العشب الذي تحت الأقدام، حتى نباح الكلاب في القرية كان مُسلّياً، كان عنوان حياة. هنا، في الغربة، موحشة شوارع المدن، وأزقة الأرياف مع أن الوجوه أليفة حية، مع أن القلوب معي، معك:
-صف لنا حبيبتك.
كم سئلت، وكم تلعثمت، وكم رأيتك صغيرة، نضرة، عذبة، مشاكسة رقيقة، ولكنني لم أتصورك كبيرة –أنت تظلين، طرية، عذبة، محبة، وفيّة، وأنا ما خنتك لحظة واحدة، ما انفك الفؤاد ينبض باسمك والفم يلهج بك، أنت الآن الحورية –الحقيقة، ذات القدرات التي يعجز عنها بنو البشر، كلهم. لم تسمعْ، أذكرك من جديد، فالحاوي اللعين المرعب ابتلع أمامنا الأفعى التي كانت أطول منه، وكانت ذات رأس كبير، بحجم كبير، ومع ذلك ابتلعها، أنت تشاطرتِ وقلتِ له:
-أتستطيع إخراجها؟
فقال أستطيع.
قلت: كيف؟ أرنا!
فما ملك سوى أنْ بَرم على كعبيه برمتين، ليفاجئنا بالأفعى بين ذراعيه، كانت تتلّوى حول العنق، نسيت أن أقول لك –لم أرَ الأفعى تخرج من فمه.
-هل رأيت أنت؟ ليس مهماً، لكنها عاجلته قائلة:
-إن كنت ذا قدرة مثل هذه (إبلع) اليهود وأرحنا.
ضحك القوم، وضحك هو، ثم غرز سواد عينيه في بحيرتي العسل. كانت نظرة مخيفة، أنت لم تخف، أعرف ذلك، لكن شهقات الناس جعلتني أفهم أن النظرة أقوى من أن تتجاهلها. آنذاك فقط سحبتك من بين الناس، وانسللنا، وحتى اللحظة، بعد خمسة وأربعين عاماً، ما زلت أبحث عن سر القوة التي سَرَتْ في جسدي حين سحبتك، بذلك اليسر، بتلك البساطة.
أناجيك، وأنت الآن أمامي، إنني أخرجك حين أكون وحيداً، في مكان آمن معاً، أنا وأنت والله في المكان، فأنتِ القوة السحرية التي أخشى أن يصل إليها الحاسدون، والحاقدون، واللصوص، والفضوليون. والقتلة كلهم، والحاقدون كلهم، أرغموا في حركة مباغتة مرعبة، ليكونوا صورة، وحياة وحركة وجسد، ونظرات، وأفعال ذلك الحاوي. أنتِ الآن في أحداق الخطر، والخطر قد داهمني، ويحاول أن يبتلعني. لست أفعى، كما تعرفين، ولستِ أنت كذلك، لكنهم، بهذا الشكل الشيطاني المخيف، ووسط حلقة من البشر لها أول وليس لها آخر، ووسط اندهاش الناس، وإعجابهم، وتصفيرهم، وهتافاتهم، ووسط الأضواء والأنوار، والعدسات التي تنقل الصورة –حية وعلى الهواء- إلى الدنيا كلّها، يريدون أن يمسخوا حبي لك، أن يمسخوك. فإن كان الحاوي قد ابتلع الأفعى ولم يفعل، وأخفاها ولم يفعل، وأعادها ولم يفعل، فإنه بعد أن انحشرت في جسده الأرواح الشريرة كلها يستطيع أنْ يحوّلني إلى قاتل –وأنت الضحية- إنه يستطيع أن يبهر الناظرين، أن يريهم رأسك وقد فُصل عن جسدك. وأنا يريهم سكيناً حادة تقطر دماً أحملها أنا بيدي اليمنى المخضبة بالدم –أراه الآن يدور بين الناس، في قلب الحلقة، يحملك بين ذراعيه تماماً كما فعل بالأفعى، إنه يعرضُك على العيون، والعدسات تصور وبالألوان. وتنتقل الصورة عبر الفضاء إلى الكون كله، أنت مجرد كبش فداء، أنا قاتل وكبش فداء، والبلاد بعيدة، وهو ذا يمسك بالخنجر، الخنجر يلتمع، العيون تتابع حركة الخنجر، إنه يتجه إلى عنقك أنت مسجاة أمام العيون، العيون النهمة تبحلق، تفتح على سعتها، والفضول ينطّ منها، الشفاه تجف، الألسن تخرج، تبلل الشفاه، جفاف، نبض سريع الإيقاع، توجّس، انتظار، توقّعات تنهدّات، شبق يخرج مع الزفير، شهيق ناري يعربد في الصدور، انتظار على المراجل، إنه يقرب شفر الخنجر من عنقك، باعدواً ما بين فخذيك، قفزتُ أنا من بين الجموع. انفتحت أمامي الطرق بسرعة، وفي أقل من طرفة عين كنت قد استحلت إلى رداء أسود سميك، صوفي، يدثرك من الرأس إلى أخمص القدمين، خيبة في العيون الفضولية، وماء بارد يتحدّر من رقاب الجبال الشاهقة إلى زردات ظهور الشهوانيين المنتظرين للإرواء، وإن على صورة في ظلمة، إغماضة العين، صرخات أسمعها من الاتجاهات جميعها: قاتل قاتل، ألقوا القبض عليه.
قبل أن أفتح عيني أسمع صوتك المخنوق تحت وهج التماعة القتل:
-هل خنتني أيها الابن الحبيب؟
دققت على صدري، تَوَهج الضياء في عينيّ حين فتحتهما، وكان ثمة حبل مثل الأفعى يتلوّى بين ذراعي الحاوي الملعون، وكنتِ أنت تقبضين على يدي اليمنى، والارتعاشة وشيجة الحياة وكلمة السر، تبتلع أفاعيهم عصا كبيرة تضرب الذراع المشرعة بالخنجر:
-أنا فلسطين، أنت فلسطيني، أنا أنت، في الحياة، أنا أنت في الممات، لا ممات. وفي التوّ كنتُ أرفع رأسي صوب شجرة سرو شاهقة عانقت سماءً صافيةً زرقاء، والشمس مشرقة والنسيم يمطرني بعبق البلاد ونسغ الحياة –وأنا وأنت نركض في طريق البيادر، وثمة من يهتف من بعيد:
-البحر والنهر وبينهما، مزرعة الهوى الأول، مرتع الحب الأزلي. فبكيت بكيت حتى رأيت أني أغتال الحاوي وأفرح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
vevooo
الادارة
الادارة
vevooo


عدد الرسائل : 4180
تاريخ التسجيل : 25/02/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالإثنين أبريل 09, 2007 4:59 pm

الحاوى والحلم 149962 الحاوى والحلم 149962 الحاوى والحلم 149962 الحاوى والحلم 149962
نايس توبيك يا عمرو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دلوعة مصر
عضو ذهبى
عضو ذهبى
دلوعة مصر


عدد الرسائل : 2376
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 08/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالأحد أغسطس 26, 2007 5:35 pm

الحاوى والحلم 79858 الحاوى والحلم 79858 الحاوى والحلم 79858
نايس ستورى عمووور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
maro
عضو ذهبى
عضو ذهبى
maro


عدد الرسائل : 1701
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 26/06/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 28, 2007 4:57 am

تسلميلى ياا قمر
بجد قصصك كلهاا حلووه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mora...
المشرفين
المشرفين
mora...


عدد الرسائل : 5035
تاريخ التسجيل : 30/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 26, 2007 7:31 pm

فيفووووووو .. مرسى يا جميل ومنورة التوبيك الحاوى والحلم 397587
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mora...
المشرفين
المشرفين
mora...


عدد الرسائل : 5035
تاريخ التسجيل : 30/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 26, 2007 7:32 pm

دودى .. تسلمى لمرورك يا جميل منورة التوبيك الحاوى والحلم 397587
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mora...
المشرفين
المشرفين
mora...


عدد الرسائل : 5035
تاريخ التسجيل : 30/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 26, 2007 7:35 pm

مارو .. تسلميلى انتى يا عسل

ومنورة الدنيا مرسى لمرورك

الحاوى والحلم 397587 الحاوى والحلم 397587
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دعوه للحب.
عضو فعال
عضو فعال
دعوه للحب.


عدد الرسائل : 260
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالسبت أكتوبر 27, 2007 10:48 am

تسلم يا مورا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mora...
المشرفين
المشرفين
mora...


عدد الرسائل : 5035
تاريخ التسجيل : 30/03/2007

الحاوى والحلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحاوى والحلم   الحاوى والحلم Icon_minitimeالأحد أكتوبر 28, 2007 7:24 am

الله يسلمك يا جميل

منورة الدنيا الحاوى والحلم 397587
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحاوى والحلم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.mazika4day.lolbb.com :: القسم الادبى :: منتدى القصص-
انتقل الى: